کد مطلب:167923 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:207

حبس میثم التمار و قتله
كان میثم التمّار (رض) [1] قد عاد من العمرة [2] الی الكوفة (فأخذه عبیداللّه


بن زیاد، فأدخل علیه، فقیل له: هذا كان من آثر الناس عند علیّ!

قال: ویحكم، هذا الاعجمی!؟

قیل له: نعم.

قال له عبیداللّه: أین ربُّك؟

قال: بالمرصاد لكل ظالم، وأنت أحد الظلمة.

قال: إنّك علی عجمتك لتبلغ الذی ترید! ما أخبرك صاحبك أنّی فاعل بك!؟

قال: أخبرنی أنك تصلبنی عاشر عشرة، [3] أنا أقصرهم خشبة وأقربهم إلی المطهّرة!

قال: لنخالفنّه!

قال: كیف تخالفه!؟ فواللّه ما أخبرنی إلاّ عن النبیّ، عن جبرئیل، عن اللّه تعالی، فكیف تخالف هؤلاء!؟ ولقد عرفت الموضع الذی اُصلبُ علیه أین هو من الكوفة، وأنا أوّل خلق اللّه أُلجمُ فی الاسلام!


فحبسه، وحبس معه المختار بن أبی عبید. [4] .

قال له میثم: إنّك تفلت، وتخرج ثائراً بدم الحسین فتقتل هذا الذی یقتلنا!

فلمّا دعا عبیداللّه بالمختار لیقتله طلع برید بكتاب یزید إلی عبید اللّه یأمره بتخلیة سبیله فخلاّه، [5] فأمر بمیثم أن یُصلب فأُخرج، فقال له رجل لقیه: ما كان أغناك عن هذا!؟

فتبّسم وقال وهو یومیء إلی النخلة لها خُلقتُ ولی غُذیتْ! فلمّا رفُع علی الخشبة اجتمع الناس حوله علی باب عمرو بن حُریث، قال عمرو: كان واللّه یقول: إنّی مجاورك!

فلمّا صُلب أمر جاریته بكنس تحت خشبته ورشّه وتجمیره.

فجعل میثم یحدّث بفضائل بنی هاشم، فقیل لابن زیاد: قد فضحكم هذا العبد!

فقال: إلجموه! فكان أوّل خلق اللّه أُلجم فی الاسلام.

وكان قتل میثم رحمه اللّه قبل قدوم الحسین علیه السلام إلی العراق بعشرة أیّام، فلمّا


كان فی الیوم الثالث من صلبه طُعن بالحربة فكبّر! ثمّ انبعث فی آخر النهار فمه وأنفه دماً.). [6] .

وروی أنه اجتمع سبعة من التمّارین فاتعدوا بدفن میثم، فجاؤا إلیه لیلاً والحرس یحرسونه وقد أوقدوا النار، فحالت النار بینهم وبین الحرس فاحتملوه بخشبته حتی انتهوا به إلی فیض من ماء فی مراد، فدفنوه فیه ورموا الخشبة فی مراد فی الخراب، فلمّا أصبحوا بعث الخیل فلم تجد شیئاً. [7] .

وروی عن میثم قال: دعانی أمیرالمؤمنین علیه السلام، وقال: كیف أنت یا میثم إذا دعاك دعیّ بنی أمیّة [ابن دعیّها] عبیداللّه بن زیاد إلی البراءة منّی؟

فقلت: یا أمیرالمؤمنین، واللّه لاأبراء منك!

قال: إذن واللّه یقتلك ویصلبك.

قلت: أصبر، فذاك فی اللّه قلیل.

فقال: یا میثم، إذن تكون معی فی درجتی. [8] .


[1] هو ميثم بن يحيي أبوعبداللّه التمّار الاسدي الكوفي، وهو من حواريّ أميرالمؤمنين عليّ والحسن والحسين 8، والروايات في مدحه وجلالته وعظم شأنه، وعلمه بالمغيّبات كثيرة لاتحتاج الي بيان، ولو كان بين العصمة والعدالة مرتبة وواسطة لاطلقناها عليه. (راجع: مستدركات علم رجال الحديث، 8:44 وأنظر: تنقيح المقال، 3:262)، وقد مرِّ بنا الحديث في حبسه ومقتله في الجزء الثاني من هذه الدراسة: ص 175-180 فراجع.

[2] كان الشيخ المفيد(ره) في ذكره لميثم (رض) وكيفية قتله قد قال: (وحجَّ في السنة التي قُتل فيها، والراجح أنّ مراد الشيخ المفيد(ره) من قوله (وحجّ) أصل زيارة بيت اللّه الحرام، وإن كانت هذه الزيارة عمرة، إذ لدينا رواية أخري يصرّح فيها حمزة وهو ابن ميثم في وصفه لاحداث نفس هذه الزيارة قائلاً: (خرج أبي إلي العمرة...) (بحار الانوار، 42:129)، فهذه الزيارة كانت عمرة، ولو أخذنا قول الشيخ المفيد(ره) علي ظاهره لكان مثاراً لمجموعة من الاشكالات التأريخية، منها: كيف يكون قد حجّ في تلك السنة ولم يكن قد رأي الامام الحسين 7 في مكّة أو التقاه مراراً وهو من خاصّة شيعته وشيعة أخيه وأبيه عليه السلام!؟ أو: كيف يكون قد عاد بعد الحجّ إلي الكوفة ولم يُدرك الامام الحسين عليه السلام في منزل من منازل الطريق والامام عليه السلام قد خرج من مكّة قبله بخمسة أيام علي الاقلّ علي هذا الفرض ثمّ كيف يكون ميثم (رض) قد سبق الامام عليه السلام في الوصول إلي العراق مُدَّة طويلة سُجن خلالها فترة ثم أُخرج وقتل قبل وصول الامام عليه السلام الي العراق بعشرة أيّام علي الاقل، وكان قد خرج بعد خروج الامام عليه السلام من مكّة بخمسة أيّام علي الاقلّ كما قلنا!؟.

[3] وهذا دليل علي القتل الجماعي الذي تعرّض له الشيعة في تلك الايّام، فقد صُلب مع ميثم تسعة آخرون في دُفعة واحدة! وفي هذا تتجلّي لنا الاجواء الارهابية المرعبة التي تعرّض لها أهل الكوفة تلك الايّام.

[4] وفي هذا مؤيّد علي أنّ ميثم التمّار(رض) كان قد حُبس والامام عليه السلام في مكّة المكرّمة، لانّ حبس المختار(ره) علي ماهو ظاهر بعض الاخبار كان في الايّام الاولي من ولاية ابن زياد علي الكوفة، ولعلّ أحد أسباب إنتقال مسلم عليه السلام من دار المختار(ره) إلي دار هانيء بن عروة (رض) هو اعتقال المختار(ره) وحبسه.

[5] كان ذلك بسبب توسّط عبداللّه بن عمر زوج أخت المختار(ره) عند يزيد، وفي هذا إشعار بأنّ المختار(ره) كان قد حُبس في الايام الاولي لولاية ابن زياد علي الكوفة، إذا لاحظنا مدّة وصول خبر حبسه إلي ابن عمر في مكّة أو في المدينة، ومدّة وصول كتاب ابن عمر إلي يزيد في الشام، ثمّ مدّة وصول البريد إلي الكوفة يأمر إطلاق سراحه، فتأمّل.

[6] الارشاد: 154؛ وانظر: إعلام الوري: 176؛ ومجمع البحرين: 492؛ ونفس المهموم: 119.

[7] اختيار معرفة الرجال (رجال الكشّي): 1: 295، رقم 138 و139.

[8] اختيار معرفة الرجال (رجال الكشّي): 1: 295، رقم 138 و139.